• لا يمكن تحميل الملفات المرفقة الا بعد الرد على الموضوع

الاجتهاد في آخر رمضان

zxc

إنضم
17 فبراير 2015
المشاركات
96,580
مستوى التفاعل
59
غير متصل
الاجتهاد في آخر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾ .

يذكر الله تعالى: أنه أنزل القرآن العظيم, في ليلة القدر, والمراد أنه ابتدأ إنزاله في ليلة القدر، وليلة القدر في رمضان لا شك في هذا ودليل ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏﴿ ‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ‏ ﴾‏. فإذا جمعت هذه الآية, إلى قوله‏:‏ ‏﴿ ‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ‏﴾‏ تبين أن ليلة القدر في رمضان.

والقَدْر: يشمل معنيين, الأول: الشرف كبير. والثاني: التقدير، لأنه يُقَدَّر فيها ما يكون في السنة لقول الله تعالى‏:‏ ‏﴿ ‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أمْرٍ حكِيم ‏﴾‏‏‏.‏ أي يُفَصَّلُ ويُبَيَّن‏ ويُقَدَّر فيها ما يكون في السنة من الإحياء والإماتة والأرزاق وغير ذلك‏.‏ ثم قال جل وعلا‏:‏ ‏﴿‏ وما أدراك مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ‏﴾‏ هذه الجملة بهذه الصيغة يستفاد منها التعظيم والتفخيم، لِعِظَمِ شأنها وقدرها. أي فإن شأنَها جليل وقدرَها عظيم. ثم بين هذا بقوله‏:‏ ‏﴿ ‏لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ ألْفِ شهْر ‏﴾‏ وهذه الجملة كالجواب للاستفهام الذي سبقها، وهو قوله‏:‏ ‏﴿‏ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ‏ ﴾‏. الجواب‏:‏ ‏﴿ ‏لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّن ألف شَهْرٍ‏ ﴾‏، والمراد بالخيّريةِ هنا: ثوابُ العمل فيها، وما يُنَزِّل الله تعالى فيها من الخير والبركة على هذه الأمة. وهذا مما تندهش له العقول, حيث مَنَّ الله على هذه الأمة بِلَيلةٍ يكون العمل فيها يُقابِلُ ويزيد على عَمَلِ رَجُلٍ استمر في العبادة ألف شهر, أي ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر. فيا له من فضل لا يُحْرَمُه إلا محروم.

ثم ذكر الله تعالى ما يحدث في تلك الليلة فقال‏:‏ ‏﴿‏ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا‏ ﴾‏ أي تنزل شيئًا فشيئًا؛ لأن الملائكة سكان السموات، والسموات سبع فتتنزل الملائكة إلى الأرض شيئًا فشيئًا حتى تملأ الأرض. ونزول الملائكة في الأرض عنوان على الرحمة والخير والبركة. ﴿ ‏وَالرُّوحُ‏ ﴾:‏ هو جبريل عليه السلام، خَصَّهُ الله بالذكر لشرفه وفضله. وقوله تعالى‏:‏ ‏﴿ ‏بِإِذْنِ رَبِّهِم‏ ﴾‏ أي أن نزول الملائكة بهذا العدد الكثير يكون بإذن الله وأمره. وقوله‏:‏ ‏﴿ ‏مِّن كُلِّ أَمْر ‏﴾‏ قيل: إن ‏﴿ ‏مِنْ‏ ﴾‏ بمعنى الباء أي بكل أمر مما يأمرهم الله به‏.‏ ‏﴿ سَلامٌ هِيَ ‏﴾‏ أي هذه الليلة سالمة من كل آفة وشر لِكَثرةِ خيرِها، وكثرةِ من يسلم فيها من الآثام وعقوباتها.

وليلة القدر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها: ( طَلْقةٌ سَمْحَة, لا حارَّة ولا باردة, تُصبح الشمس في صبيحتها ضعيفةً حمراء ). أي لا شعاع لها حتى ترتفع. وأخبر أنه: ( لا يُرْمَى فيها بِنَجم ). وأخبر أيضا أن: ( الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ).

وهي في العشر الأواخر من رمضان من غير تحديد, حيث ثبت أنها كانت ليلة إحدى وعشرين, وليلة ثلاث وعشرين, وليلة سبع وعشرين, وثبت الأمر بالتماسها في السبع والتسع والخمس. وثبت أن القرآن نزل في ليلة القدر لأربع وعشرين مضت من رمضان, لما رواه الطبراني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأَرْبَعٍ عَشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ).
 
أعلى