• لا يمكن تحميل الملفات المرفقة الا بعد الرد على الموضوع

عشر خصائص لليلة القدر

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
Z

zxc

إنضم
17 فبراير 2015
المشاركات
96,377
مستوى التفاعل
58
غير متصل
عشر خصائص لليلة القدر
إن الله بحكمته فضَّلَ شهرَ رمضانَ على بقيَّةِ الشهورِ، وجعلَ العشرَ الأواخرَ منه أفضلَ أيامهِ ولياليهِ، وخصَّها عن بقية أيام رمضانَ بخصائصَ ومزايا، ومن أظهرِها:

أولاً: اجتهادُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها فوق ما كان يجتهدُ في غيرها من العبادة، وإحياء ليله كُلِّه، وإيقاظ أهله، واعتزال نسائه، فعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَجتَهِدُ في الْعَشْرِ الأواخِرِ ما لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ) رواه مسلم.



وعنها رضي الله عنها قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا دَخَلَ العشرُ أحْيَا الليلَ، وأيقَظَ أهلَهُ، وجَدَّ، وشَدَّ الْمِئْزَرَ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.



وعن زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ رضيَ اللهُ عنهما قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ عَشَرَةُ أيَّامٍ لَمْ يَذَرْ أحَداً مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إلاَّ أقَامَهُ) رواه الْمَرْوَزِيُّ.



ثانياً: ومن خصائص هذه العشر أنْ جعَلَ اللهُ فيها ليلةَ القدر، التي هي أفضلُ ليلةٍ في سائرِ العام بنصِّ القرآنِ والسنةِ، قال الشيخُ السعديُّ: (وسُمِّيت ليلة القدر: لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يُقدَّر فيها ما يكون في العام من الأجلِ والأرزاقِ والمقاديرِ القَدَريَّة) انتهى.



وقال صلى الله عليه وسلم: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ رمَضَانَ) رواه البخاري ومسلم.



قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: (وإذا كانَ الأمرُ هكذا فيَنْبَغي أنْ يَتَحَرَّاها المُؤمنُ في العشرِ الأواخِرِ جَمِيعِهِ) انتهى.



عباد الله: إنَّ ليلةَ القدرِ قد خصَّها اللهُ بخصائصَ، منها:

أولاً: إنزال القرآن فيها، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3]، قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أُنْزِلَ القُرآنُ جُمْلَةً واحدَةً إلى السماءِ الدُّنيا في ليلَةِ القَدْرِ، ثُمَّ نَزَلَ بعدَ ذلكََ في عشرِينَ سَنةً، وقَرَأَ: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106]) رواه أبو عبيد القاسم ابن سلاَّم، وصحَّحه ابنُ كثير.



ثانياً: قولُه تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]، و(عن أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: دَخَلَ رمَضَانُ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ هذا الشهرَ قَدْ حَضَرَكُم، وفيهِ ليلَةٌ خيرٌ مِن ألفِ شهْرٍ، مَن حُرِمَهَا فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ، ولا يُحْرَمُ خيرَها إلاَّ مَحْرُومٌ) رواه ابنُ ماجه وحسَّنه المنذري.



فالعبادةُ في ليلة القدر أفضَلُ من عِبادةِ ألفِ شَهْرٍ ليسَ فيها ليلَةُ القَدْرِ، قال ابنُ كثير: (وهُوَ الصوابُ لا ما عَدَاهُ) انتهى.



قال الألوسي: (إن عُلُّوها خارجٌ عن دائرةِ درايةِ الخلق، لا يُعلم ذلك، ولا يَعلَمُ به إلاَّ علاَّمُ الغيوب) انتهى.



وقال الشيخ السعدي: (وهذا مما تتحيَّرُ فيه الألباب، وتَندهشُ له العُقولُ، حيث مَنَّ تبارك وتعالى على هذه الأمةِ الضعيفةِ القُوَّةِ والقُوى بليلةٍ يكونُ العَمَلُ فيها يُقابلُ ويَزيدُ على ألفِ شهرٍ، عُمُرَ رجلٍ مُعمَّرٍ عُمُراً طويلاً نيِّفاً وثمانين سنةً) انتهى.



ثالثاً: قولُه تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾[الدخان: 3]، قال السعديُّ رحمه الله: (أي: كثيرةُ الخيرِ والبَرَكَة) انتهى.



رابعاً: قولُه تعالى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الملائكةَ تلكَ الليلَةَ أكثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى) رواه ابنُ خزيمة وصحَّحه، وحسَّنه البوصيري.



قال ابنُ كثير: (أيْ: يَكثُرُ تَنزلُ الملائكةِ في هذهِ الليلَةِ لكثرَةِ بَركَتِها، والملائكةُ يَتَنَزَّلُونَ مَعَ تَنَزُّلِ البَرَكَةِ والرَّحْمَةِ، كمَا يَتَنزَّلُونَ عندَ تلاوَةِ القُرآنِ ويُحيطُونَ بحِلَق الذِّكْرِ) انتهى.



خامساً: قولُه تعالى: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5]، قال الشوكانيُّ: (أيْ: ما هيَ إلاَّ سلامةٌ وخيرٌ كُلُّها لا شَرَّ فيها، وقيلَ: هيَ ذاتُ سلامَةٍ مِن أنْ يُؤثِّرَ فيها شيطانٌ مِن مُؤمنٍ أو مُؤمنةٍ) انتهى.



سادساً: قولُه تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، قال ابنُ كثيرٍ: (أيْ: في ليلَةِ القَدْرِ يُفصَلُ منَ اللَّوْحِ المحفُوظِ إلى الكَتَبَةِ أمْرُ السَّنةِ، وما يكونُ فيها منَ الآجالِ والأرزاقِ، وما يكونُ فيها إلى آخرِها) انتهى.



سابعاً: قولهُ صلى الله عليه وسلم: (مَن قامَ ليلَةَ القَدْرِ إيماناً واحتِساباً غُفِرَ لهُ ما تقَدَّمَ من ذنبهِ) متفقٌ عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن يَقُمْ ليلَةَ القَدْرِ فيُوَافِقُهَا إيماناً واحتساباً غُفِرَ لَهُ) رواه مسلم.



قال ابنُ حجر: (قولُهُ «إيماناً»: أيْ تصديقاً بوَعْدِ اللهِ بالثوابِ عليهِ، «واحتساباً»: أيْ طَلَباً للأجرِ لا لِقَصْدٍ آخَرَ مِن رياءٍ أو نحوِهِ) انتهى.



وقال الشيخ ابنُ عثيمين: (يَنالُ الإنسانُ أجرَها وإنْ لم يعلم بها) انتهى.



ثامناً: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجتهدُ في طلبها، ويعتكفُ في المسجد من أجلِ طلبها، ويُكثرُ من التعبُّدِ رجاءً لليلةِ القدر، وهو قد غفرَ الله له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخرَ، قال صلى الله عليه وسلم: (إني اعتَكَفْتُ العَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هذهِ الليلَةَ، ثُمَّ اعتَكَفْتُ العَشْرَ الأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فقيلَ لي: إنها في العشرِ الأواخِرِ، فمَنْ أَحَبَّ منكُم أَنْ يَعتَكِفَ فلْيَعْتَكِفْ) رواه مسلم، وعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زَوْجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَعتَكِفُ العشرَ الأواخِرَ مِن رمضَانَ حتَّى توفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعتَكَفَ أزواجُهُ مِن بعدِهِ) رواه البخاري ومسلم.



قال النوويُّ: (قد أجمَعَ المسلمُونَ على أن الاعتكاف مُتأَكِّدٌ في العشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضَانَ).



فما أعظمَ الاعتكاف من سُنَّةٍ غفلَ عنه كثيرٌ من الناس، فحُرمُوا خيرَهُ.



تاسعاً: أنَّ الدُّعاء فيها مظنةُ الإجابةِ، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (قُلتُ يا رسولَ اللهِ: أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ ليلَةٍ ليلَةُ القَدْرِ ما أقُولُ فيها؟ قالَ: قُولي: اللهُمَّ إنكَ عُفُوٌّ تُحبُّ العَفْوَ فاعفُ عنِّي) رواه الترمذي وقال: (هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ)، وفي روايةٍ: (قالت رضي الله عنها: يا رسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إِنْ وافَقْتُ ليلَةَ الْقَدْرِ ما أَدْعُو؟ قالَ: تقُولينَ: اللهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عنِّي) رواه ابنُ ماجه وصحَّحه الألباني.



وعنها رضي الله عنها قالت: (لوْ عرَفْتُ أيُّ ليلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ ما سَأَلْتُ اللهَ فيها إلاَّ العافِيَةَ) رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح.



و(أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجُلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ أيُّ الدُّعاءِ أفْضَلُ؟ قالَ: سَلِ اللهَ العَفْوَ والعافِيَةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ، ثُمَّ أتَاهُ الْغَدَ فقالَ: يا نبيَّ اللهِ أيُّ الدُّعاءِ أفْضَلُ؟ قال: سَلِ اللهَ العَفْوَ والعافيَةَ في الدُّنيا والآخرَةِ، فإذا أُعْطِيتَ العافيةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ فقَدْ أَفْلَحْتَ) رواه البخاري في الأدب المفرد وصحَّحه الألباني.



فبالعافيةِ تَندفعُ عنكَ الأسقامُ ويقيكَ اللهُ شرَّها ويَرفعها عنك إنْ وقعت بك، وبالعافية يقيك الله شرَّ ما لم ينزل من البلاء.



قال الألوسي: (واعلم أنه يُسنُّ الدُّعاءُ في هذه الليلةِ المباركةِ وهيَ أحدُ أوقاتِ الإجابةِ) اهـ.



وقال ابنُ رجب: (قال سفيان الثوريُّ: «الدُّعاءُ في تلكَ الليلةِ أحبُّ إليَّ من الصلاةِ»، قال: «وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويَرغبُ إلى اللهِ في الدُّعاءِ والمسألةِ لعله يُوافِقُ» انتهى، ومُراده أن كثرةَ الدُّعاءِ أفضلُ من الصلاةِ التي لا يكثرُ فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حَسَناً) اهـ.



وما الحكمةُ إذاً من تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو؟.

أجاب ابن رجب بقوله: (وإنما أمرَ بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر: لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثمَّ لا يرون لأنفسهم عمَلاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصِّر، قال يحيى بن معاذ: «ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو») انتهى.



عاشراً: قال النووي: (ليلَةُ القَدْرِ مُختَصَّةٌ بهذهِ الأُمَّةِ ولَمْ تَكُنْ لِمَنْ قَبْلَها) انتهى.

اللهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عنَّا وعن والدينا وأهلينا يا عفو يا غفور، آمين.


لقد كانَ السلفُ الصالحُ يُعظِّمون العشرَ الأواخرَ من رمضانَ بزيادةِ العبادةِ فيها، فعن أبي عُثمانَ رحمه الله قال: (كانُوا يُعَظِّمُونَ ثلاثَ عَشَرَاتٍ: الْعَشْرُ الأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، والعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، والعَشْرُ الأوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ) رواه المروزي.



وكان بعضُ التابعين يخصُّون قيامَ ليالِ العشرِ بزيادةِ ركَعَاتٍ: فعن وِقَاءِ ابن إياس رحمه الله قالَ: (كانَ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنا في رمَضَانَ، فيُصَلِّي بنَا عشرينَ ليلَةً سِتَّ تَرْوِيحاتٍ، فإذا كانَ العشْرُ الآخَرُ اعتكَفَ في المسجدِ وصلَّى بنا سَبْعَ تَرْوِيحَاتٍ) رواه ابن أبي شيبة.



وكان (عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكْرٍ وسعيدُ بنُ أبي الْحَسَنِ وعِمْرَانُ العَبْدِيُّ كانُوا يُصَلُّونَ خَمْسَ تَرَاوِيحَ، فإذا دَخَلَ العَشْرُ زادُوا واحِدَةً) رواه المرزوي.



قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمه الله: (ومَنْ ظَنَّ أنَّ قِيَامَ رمَضَانَ فيهِ عَدَدٌ مُوَقَّتٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يُزَادُ فيهِ ولا يُنْقَصُ منهُ فقَدْ أَخْطَأَ) انتهى.



وقال ابن حجر: (ولَمْ أَرَ في شيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ - أي حديث صلاة الصحابة خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال في رمضان - بَيَانَ عَدَدِ صلاتِهِ في تِلكَ الليالي) انتهى.



وقال الشوكانيُّ: (فَقَصْرُ الصلاةِ الْمُسَمَّاةِ بالتراويحِ على عَدَدٍ مُعَيَّنٍ وتَخْصِيصُها بقراءَةٍ مَخْصُوصَةٍ لَمْ يَرِدْ بهِ سُنَّةٌ) انتهى.



واللهَ اللهَ بالمحافظة على الصلواتِ في المساجدِ وخاصةً صلاتي العشاء والفجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، ومَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) رواه مسلم.



فاغتنموا لليالي العشرِ المباركةِ بما هي جديرةٌ به من العبادةِ، فإنَّها فرصةُ الْعُمُرِ، وغنيمةٌ لمنْ وفَّقه الله عزَّ وجلَّ، اللهم وفِّقنا لاغتنامها.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى